السلام عليكم
قد تأخذنا مشاغل الحياة كرجال، ولا تترك لنا مجالا ووقتا كافيا لنجتمع فيه مع أسرنا لممارسة نشاطات مختلفة عن النشاط العادي، الذي يقتصر على بعض الوجبات والمحادثات القصيرة حول الدراسة أو الصحة، وتمضي الأيام ويكبر الأولاد وينتقلون من مرحلة إلى مرحلة دون أن يكون للأب هذا التواصل الجيد العميق، والانسجام الفكري والعاطفي، والانفتاح الكافي لمشاركة أبنائه فيما يمر بهم من تحديات عاطفية، أو اجتماعية، أو الحديث عن الخطط وعن المستقبل الذي يطمح به أولادنا ومشاركتهم في الدعم والتوجيه.
وتمضي السنوات ويجد الأب نفسه مقبلا على مرحلة جديدة وهي مرحلة التقاعد والرجوع للبيت، وهو يظن أن هذا هو الوقت المناسب للتعويض عما فاته من أوقات حميمة مع عائلته نتيجة مشغوليته الدائمة بالعمل وتوفير لقمة العيش، ولكن يصدم الأب عندما لا يجد له مكانا بعد غيابه الطويل عن بأن العائلة تصده نوعا ما من التدخل في خصوصياتها، لأنهم لم يعتادوا على هذا العمق في العلاقة، ولأن مراحل النمو المختلفة قد مرت دون عونه أو مساعدته، حيث أنه في الأغلب نجد أن الأم هي التي كانت متواجدة معهم وملبية لحاجاتهم الخاصة.
إذا السؤال الذي يطرح نفسه الآن! ما العمل؟ وكيف يمكن للرجل أن يجد التوازن بين مشغوليته الخارجية وسعيه لرزق العائلة، وبين التواجد بين أفراد أسرته ليقدم الدعم والرعاية لأطفاله خلال مراحل عمرهم المختلفة. إن الحل بسيط وممكن وهذه بعض الخطوات العملية لتحقيق هذا:
تخصيص أوقاتا خاصة للعائلة وذلك بوضع برنامج ينضم وقت الأب خارج وداخل البيت.
عدم ترك الأوقات اليومية للظروف ولعواصف الحياة تعبث فيها.
إن مشاغل العمل يجب أن تترك في العمل، وأن الأوقات الأخرى الخاصة بالعائلة هي أوقات مقدسة يمكن الاستفادة منها على نحو كبير وبكفاءة عالية، وذلك بالاقتراب من الأولاد والتحدث معهم وقضاء وقت مفيد ومثمر معهم.
يمكن أن يتنازل الأب الذي يعمل كثيرا خارج المنزل عن بعض النشاطات الاجتماعية المتراكمة مثل المشاركة في الأفراح وفي الأتراح وفي الزيارات المهمة أو غير المهمة، ليعطي هذا الوقت مثلا لأطفاله ويعوضهم عن غيابه لفترات طويلة خارج المنزل.
الاستفادة التامة من العطل الرسمية والمناسبات الخاصة بالأطفال لكي يكون للأب تواجد فعال ومشاركتهم وتكوين صداقة معهم، ففي الغالب ليس كل أب صديق لأطفاله.